يا ولاد الا يه !!؟ محمد امام نويرة

يحكي أن في الزمن الجميل...
كان فيه " المعلم فوزي "..الناس في قريتنا يعشقونه ..ويحبونه ..بشوش الوجه ..كريما من غير حساب ..كنت صغيرا وعندما أريد ان ابحث عنه ..فيكفي ان اشم بأنفي الصغير رائحة عطر مميزة ونادرة وراقية في أي طريق أعرف أنه قد سار فيه ..
كان تاجر الفاكهة والخضار الكبير والمشهور في عالم أسواق القطر المصري ..اسأل عنه كل تجار وأسواق الجملة في أي مكان ..
ولكنه أبدا لم ينس نفسه بل جعل همه الأول أن يمتع نفسه ويزهو بالحياة وتزهو الحياة به !
لم يعرف عداوة لأي انسان ولم يأكل حق أنسان كغيره ..بل ترك الجميع يغرفون من خيره بالحلال والحرام بلا محاسبة أو ضيق أو تبرم ...لم يهتم بجمع المال واقتناؤه كما يفعل غيره من الذين يجمعون المال واشتهر عنهم بأن يضعونه في أجولة "البطاطس " ويضعونها في سابع أرض منها الحلال ومنها الحرام ومنها حقوق الناس التي اباحوها لهم بفتاوي  أو من غير فتاوي " الشيخ حسيب "!
كنت صغيرا اتحسس خطواتي الصغيرة اليه وهو جالس في مكتبه تحت ضوء " الكلوب " والمكتب مملوء عن اخره من اكابر العائلات والناس "والبساري الجدد" !..ورغم انشغاله والمعلم احمد ابودرويش يعد ويحصي له الفلوس في دكان البقالة ثم يعطيها له من فتحة صغيرة بين الدكان والمكتب ...يراني فيضحك ويبتسم وينادي باسمي ويغدق علي طفولتي البريئة من هداياه ..الا اذا كان جدي الذي أرهب الجميع بصمته ونظراته الحارقة..كنا نخافه ونهرب من لقياه كملك الموت..وكان يحاصر ابنه المعلم فوزي بخيوط من حديد فلا يستطيع احيانا ان يأخذ حريته وهو المحب للحرية 

كم أخذني ليلا وحوله قافلة "شريان الحياة" كوكبة تمضي خلفه وبجواره ..من المعلم (علي).. ذراعه اليمين التي آلمته كثيرا..واخيه المعلم عبدالمنعم الذي يعيش في جلبابه وكمه! ..يأخذني من أبي ليجلسني في محل الحلويات الشهير في قريتنا في عمارة الحاج ابراهيم عكيلة ويأمر صاحبه بأن يضع أمامي كل انواع الحلويات  والمزيد حتي اقوم ..وبالطبع كنت لا اقوم الا متأخرا ..
في موسم المانجو يذهب ويختفي الي الاسكندرية فلا اراه الا بعد شهور ..حتي يغتني ويأكل في غيابه عصابة علي بابا والاربعين حرامي !
في موسم البطيخ الذي كان يعتبر موسم تنصيب المعلمين علي عرش التجارة والفاكهة وتأكيد علي سيطرتهم وتواجدهم وزعامتهم لعالم المال والتجارة صنعوا له تختا ومدرجا من الخشب ليصعد عليه امام السيارات الكبيرة ليبدأ مزاد البطيخ والذي يبدأ بفاصل أوبرالي من المعلم بكري ( بيع يامعلم بيع ) وذراعه اليمين سكرتير الأنس والفرفشة علي يمينه يقوول في صوت جهوري (أبن حلال يفتح الباب ).


ثم اري قذائف البطيخ كبيرة الحجم تقذف ككرة القدم من فرقة الاجرام التي كل رزقها هو الزعيق وفي اخر النهار يكون قد ملأ مخزنه او بيته بعشرات من ثمار البطيخ الكبير الحجم !
بيع يامعلم بيع !
احداث لم تغب عن خاطري أبدا أراها الان في صبية كانوا يعملون في تعبئة أقفاص الخضار عند المعلم فوزي فصاروا الان تجارا كبارا ..

لكنه يظل صاحب العطور الخاصة والتي لا يستطيع أحدا مهما كان أن يضعها علي ملابسه ووجهه.. لأنها لم تكن عطورا فقط من الزهور او الرياحين او العطور المستوردة الغاليه الثمن..المهربة من غزة.. لكنها أيضا معبأة ومذابة بأخلاق المعلم فوزي الكريم الطيب الجميل ولم يبقي هنا سوي الشرس والقبيح والشرير ..مسلسل مازالت تجري احداثه علي روتانا سينما وروتانا زمان..
ياللا يامعلم بكري المزاد بدأ..
بيع يامعلم بيع...
سجله : محمد امام نويرة

التسميات: | edit post